31.03.2022
ننتظر كلّ عام بلهفة قدوم شهر رمضان لارتباطه بالعبادة والتقرّب من الله أوّلاً, ولمعرفتنا اليقينيّة بأثر الصّيام الواضح على صحتنا العامّة. يشبه الصيام الاسلامي كثيراً مبدأ الصّيام المتقطّع الذي درج كثيراً في الآونة الأخيرة كأحد أهم الحميات للحفاظ على الرّشاقة, ولكثير من الفوائد الأخرى التي سنبينها في السّطور الآتية
يتركّز مفهموم الصّوم المتقطّع على امتناع الشّخص عن تناول السّعرات الحرارية خلال فترة تتراوح مابين 8 – 16 ساعة أو حتّى أكثر! ولكن ما يفرقّه عن الصّوم الاسلامي امكانيّة شرب السّوائل غير المحلّاة كالماء المعدني, أو الشّاي, والقهوة غير المحلّاة
للصوم بكافّة أشكاله فوائد كثيرة تشمل الجسم بأكمله ابتداءً من القدرة الذّهنيّة التي تتحفّز, فقد وجد ارتباط وثيق بين افراز هرمون الجرلين(هرمون الاحساس بالجوع), وتكوّن خلايا
جديدة في الدّماغ
كما يتمّ افراز هرمون خاص يحفّز عملية التّعلّم بشكل كبير. يكسب الصّوم الصّائم عادات غذائيّة جديدة, ويكسر المألوف فلا قهوة صباحيّة ولا نقرشة ما بين الوجبات! ولكن مع ذلك يتمّ أيضاً افراز هرمون السّيراتونين الذي يوّلد الاحساس بالسّعادة
يستطيع الجسم خلال فترة الصّوم التّكييّف مع نقص الغذاء بشكل رائع, فمع تراجع سكّر الدّم(الغلكوز) يمّ سحب مخزون الغلوكوز من الكبد , والذي يكفي لِ 6 – 8 ساعات. عندما ينتهي مخزون الكبد يعوّض الجسم نقص الغلوكوز عن طريق حرق دهن الجسم. بالنسبة للدّماغ أكثر أعضاء الجسم تعلّقاً بالغلوكوز, فإنّه يخفّض استهلاك الغلكوز من 150غ إلى 50غ غ يوميّاً تماشياً مع هذا النّقص! أمّا حرق الدهون فيرتفع معدله إلى %95. هنا تكمن أهميّة السّحور لتعويض الجسم عن هذا النقص, والذي يجب أن يكون على شكل كربوهيدرات معقّدة(خبز كامل – حبوب شوفان.....)
لوحظ عند الأشخاص الصّائمين انخفاضاً في الكلسترول الضار تثاقباً مع ارتفاع الكلسترول المفيد, خاصّة عند النّساء وذلك
يعود لانخفاض الوزن في هذه الفترة
والتي عادة ما يتم ّ تعويضها مابعد شهر رمضان.
وهنا يمكن أن نطرح السّوائل التالي هل سيزيد وزني أم ينقص في رمضان (طبعاً للأشخاص الأصحّاء)؟
تتعلّق زيادة أو نقص الوزن بكميّة السّعرات التي نتناولها. يمكن أن يزداد وزن بعض الأشخاص عندما يركّزون على تناول السّكريّات بشكل كبير!. ينصح الأشخاص الذين يودّون خفض وزنهم خلال شهر رمضان بحصر طعامهم بوجبتين أساسيتين , ويعني ذلك وجبة الافطار, ووجبة السّحور مع شرب الكثير من السّوائل مابين الفترتين
يقوم الجسم خلال فترة الصّوم بعمليّة تجديد, وصيانة لأعضائه, ففي المعدة تتضاءل عمليّة هضم الطّعام, ولكن المعدة تعمل بشكل مكثّف, وتنظّف نفسها بنفسها. تتقارب جدران المعدة من بعضها البعض بشدّة, بعملية تشبه كثيراً الغسيل اليدوي! لتظلّ مؤهلة لاستقبال الطّعام في أي لحظة. أمّا الأمعاء الدّقيقة التي ترتاح مؤقتاً من عملها اليومي الشّاق فتنظّف نفسها ذاتيّاً
لا ننسى الأمعاء الغلظية التي تتراجع فيها فلورا الأمعاء إلى نصف كميّتها, حيث تزن خارج أوقات الصّيام بحدود ال 2 كيلوغرام. تتجدّد فلورا الأمعاء وتستبدل الفلورا القديمة بفلورا جديدة
يحسّن الصّوم من أكسجة أعضاء الجهاز الهضمي, خاصّة مجموعة الأعصاب المحيطة بالأمعاء والتي تسمّى بالمخ الثّاني, لقدرتها على اتّخاذ القرارات, والاجراءات بدون مراجعة المخ
يعاني بعضاً من الأشخاص من الامساك خاصّة في الأيّام الأولى من رمضان, لتغيّر العادات الغذائيّة المصاحبة بنقص السّوائل. يمكن للأشخاص الذين يعانون من الامساك الاكثار من شرب السّوائل على شكل شوربة أو مشروبات قليلة التّحلية مع الاكثار من تناول الأطعمة الغنية بالألياف (حبوب كاملة – بقوليّات – خضار – فاكهة...). كما يمكن الاستعانة بالملينات الطّبيعيّة (شاي السنامكي – شراب التّمر هندي – بذور الشّيا – بذور السيلليوم...)
ممّا لاشك فيه أنّه يمكننا استثمار شهر رمضان المبارك بكثير من الطّاعات والعبادات, والتّقرّب من الله, والاستفادة من الفوائد العظيمة المرتبطة بالصّيام. تنعكس كمية ونوعية الطّعام المتناول في رمضان المتمثلة في الافطار والسّحور على نشاطنا وأدائنا, فلنحسن الاختيار, ولنكثر من شرب السّوائل ما بين الفترتين, تقبّل الله منّا ومنكم صالح الأعمال