06.01.2022

التّنوّع في اختيار الطّعام للاستفادة العظمى منه





يتبادر يوميّاً إلى ذهننا كيف يمكننا الاستفادة الكاملة من غذائنا الذي نتاوله, هل نأكله نيّئاً أم مطبوخاً, ماهي أفضل طُرق مزج أنواع الطّعام للحصول على البروتين اللازم لنموّ عضلاتنا, أو التّزوّد الأمثل بالكربوهيدرات الضّروريّة لبقاء ذهننا متوقّداً قادراً على أداء المهام الأكثر صعوبة, هل كلّ الدّسم مضرّ وهل يتوجّب علينا التّقيّد بدسم معيّن للحفاظ على رشاقتنا, هل تسبّب كل الألياف مشاكلاً في الجهاز الهضمي(نفخة – غازات......)
لربما تحتاج الاجابة عن كلّ هذه التّساؤلات إلى كتاب بحاله, ولكن سنحاول إلقاء نظرة سريعة على هذا الموضوع المهم والحيوي

يتبع بعض الأشخاص حميّة أو نظاماً غذائيّاً يعتمد اعتماداً مباشراً على الطّعام غير المطبوخ, حتّى أنّهم يستثنون منتجات الألبان والأجبان, وهم على الأغلب ينطون تحت مظلّة النّباتيّون. يُعتبر طهي الطّعام من طرق حفظه, كما أنّه يحسّن من عملية الهضم, ويخفّف من حالات عدم تحمّل مواد غذائيّة معيّنة, كالبطاطا حيث يساعد طهيها على جعلها أسهل للهضم, وذلك عائد إلى وجود مثبتات الانزيم البروتيني. كما يرفع طهي الطّعام من طاقة الطّعام المطبوخ لفقد الطّعام أثناء عمليّة الطهي لمعظم الماء الموجود فيه أوّلاً, وثانيّاً للتداخل المعقّد للبروتينات والكربوهيدرات



طهي الطّعام

عند ذكر طهي الطّعام لا بدّ من ذكر تغيّر خصائص الطّعام المطبوخ, وما يتعلّق به من آثار جانبيّة. من ناحية يؤثّر طهي الطّعام على الامتصاص الغذائي الأمثل للبروتينات (الحموض الأمينيّة), أي أنّه لا يتم تحويل الحموض الأمينية المتناولة مع الطّعام إلى البروتين الخاص بنا بشكل كامل, من ناحية أخرى يحسّن طهي الطّعام من فلورا الأمعاء( الفلورا المفيدة ), ويحفّز الشّهيّة المرتبطة بالطّعم واللون


يتسائل الكثيرون عن أفضل مصدر للبروتينات وهل البروتينات الحيوانيّة أفضل أم النّباتية؟ وهنا نستطيع تسليط الضوء على مفهوم التكافؤ البيولوجي للبروتينات: وهو مقدار بروتين الجسم الذي يتحوّل من كلّ 100 غ من البروتين المتناول مع الطّعام. من الجدير بالذّكر أنّ التّكافؤ الكامل للبروتين يقدّر ب 100 ويتم تمثيله بالبيض, حيث يعتبر البيض مرجعاً للتكافؤ البيولوجي للبروتين, أمّا البروتين الحيواني المصدر كاللحم, السّمك, منتجات الحليب فيُقدّر التكافؤ البيولوجي ب 80 – 90, أمّا البروتين النّباتي بِ 60 – 80 لكن من خلال مزج الأطعمة النّباتية مع الحيوانيّة نستطيع الحصول على ما يسمّى بِ تكامل التكافؤ البيولوجي للبروتينات, وهذا يعني أنّ الحموض الأمينيّة النّباتيّة تُكمّل الحيوانيّة والعكس صحيح, وبهذا يحصل الجسم على احتياجه من البروتينات لبناء بروتينه الخاص, حيث يختلف تركيب وتموضع الحموض الأمينيّة بعد هضمها من شخص لآخر, والأمر متعلّق بالجينات! إليكم لائحة بأهم مصادر البروتين المكمّلة لبعضها


البطاطا والبيض
منتجات الحبوب مع الحليب
منتجات الحبوب مع البيض
منتجات الحليب مع البقوليّات
الذّرة مع أنواع الفاصولياء
البطاطا ومنتجات الحليب

يرتبط وجود البروتين بوجود الدّسم وهذا واضح في أغلب المواد الغذائيّة, ولكن هل فعلاً كلّ الدّسم مؤذٍ؟ وهل علينا الالتزام بنوع معيّن للحفاظ على صحتنا ورشاقتنا؟ يحتاج جسمنا إلى الحموض الدّسمة الموجودة في الدّهون والتي لا يستطيع انتاجها بنفسه, على عكس الكلسترول الذي ينتج 50% منه في الجسم نفسه. للدسم وظائف متعدّدة ومختلفة أهمها أنّه مصدر مهم للطاقة, وسيلة أساسيّة لامتصاص الفيتامينات المنحلّة في الدسم والكثير غيرها


يحتاج جسمنا حسب الجمعية الألمانية - النّمساويّة - السّويسريّة للتغذية إلى 30% دسم من اجمالي مقدار الطّاقة الدّاخلة اليوميّة, والتي تقدّر ب 60 – 80 غ يومياً, يمكن أن تزداد الكميّة بزيادة النشاط الحركي وأسلوب الحياة ,لكن هنا نتطرّق دائماً إلى المعدّل الوسطي للبالغين, طبعاً هذا يشمل الدّسم المخفي أي الدّسم في منتجات الألبان والأجبان, منتجات اللحوم, والمعجنات.....الخ. تقسم ثلث الكمية المنصوح بتناولها إلى ثلاثة أقسام:


حموض دسمة مشبّعة وحموض دسمة غير مشبّعة بسيطة ومركّبة,و هنا وجب التنويه أنّ كل 1غ من الدّسم(بغض النّظر عن مصدره) يعطي مايقارب 9 سعرة حراريّة , وأننّا نحتاج يوميّاً لأنواع متعدّدة ومنوّعة للدسم بمصادره المنوّعة وهذا ما يقدمّه عادة أسلوب الحياة الذي يعتمد على الطّعام المنوّع ومن ضمنه الدّسم. وإذا أردنا الدّقة فيمكن أن نلخّص التّالي

عشر الكميّة من اجمالي الطّاقة دهون مشبّعة والتي غالباً ما تتواجد في الدّهون ذات المصدر الحيواني كمنتجات الألبان والأجبان, اللحوم ,والدهن الحيواني, الزّبدة وبعض الدّهون من المصدر النّباتي كزيت جوز الهند, وزيت النّخيل. أمّا الدّهون المهدرجة فمن المناسب دائماً الاقتصاد في تناولها بحيث لا تتجاوز %1 من اجمالي الطاقة أي ما يعادل 2غ تقريباً يوميّاً. تتواجد الدّهون المهدرجة في المعجنات الجاهزة, الأطعمة المسبقة التّحضير و الحلويات ,وغيرها

تقريباً 10 – 15% من اجمال الطّاقة دهون غير مشبّعة بسيطة موجودة في زيت الزّيتون, زيت الفستق السّوداني, زيت السّمسم, زيت اللوزأيضاً

الباقي دهون غير مشبّعة مركبّة والتي تنقسم بدورها إلى أهم قسمين

الأومغا-3 الموجودة في زيت الكتّان وبذوره,الأسماك البحريّة, الجوز وزيته وغيرها
الأومغا-6 الموجودة في زيت بذور عين الشّمس, زيت الصّويا وغيرها, وهنا علينا التنويه إلى ضرورة التوازن في تناول الدهون ذات مصدر الأومغا-6, ودهون الأومغا-3, لأنّ الافراط في تناول دهون الأومغا-6 بدون تناول الأومغا-3 يزيد من قابليّة الاصابة بالالتهاب. تنصح الجمعية الألمانية – النّمساويّة – السّويسريّة بتحقيق المعادلة التاّلية 1:5 في تناول الدّسمين أي 0,5% من اجمالي الطّاقة الدّاخلة دهون الأومغا-3, و 2,5% من اجمالي الطّاقة الدّاخلة دهون الأومغا-6.
الجدير بالذّكر أن 20غ من الجوز تغطّي حاجتنا اليوميّة من أومغا-3, أو ملعقة شاي صغيرة من زيت بذور الكتّان

للكربوهيدرات أهميّة كبيرة في حياة معظم الشّعوب تتمثل غالباً في الخبز والرّز. كما ترتبط الكربوهيدرات ارتباطاً وثيقاً بالأداء الذّهني, لأن الغلكوز - أصغر جزيئات الكربوهيدرات – غذاء خلايا المخ الأوّل!. تنصح الجمعية الألمانيّة - النّمساويّة – السّويسريّة بأن تتجاوز كميّة الكربوهيدرات نصف اجمالي السّعرات الحراريّة التي نحتاجها يوميّاً.يُنصح دائماً بتناول الكربوهيدرات المعقدّة من منتجات الحبوب الكاملة, و التي تكون أيضاً غنيّة بالفيتامينات, والأملاح المعدنيّة, والألياف

تعتبر الألياف من جزيئات الكربوهيدرات المعقّدة, والتي تنقسم بدورها إلى نوعين

النّوع الأوّل: ألياف ذائبة في الماء كالبكتين الموجود في التّفّاح والاجاص والسّفرجل, والاينولين الموجود في الهالوين والأرضي شوكي, ونشاء الحبوب أو الرّز والذّرة
النّوع الثّاني: ألياف غير ذائبة في الماء تتواجد في منتجات الحبوب الكاملة بشكل عام والتي يمكن أن تسبّب عند بعض الأشخاص سوء هضم أو نفخة وغازات, يساعد التّدرج في تناولها في تحسين قابلية هضمها


يساعد التّنوّع في اختيار وتناول الطّعام على الاستفادة العظمى منه, وذلك من خلال المزج الجيّد بين المكوّنات المختلفة سواء أكانت كربوهيدرات أو دهون أو حتّى البروتينات. كما يساعد طهي الطّعام على تحسين قابليّة هضمه بشكل أفضل من الطّعام النيئ, كما يلعب نوع طهي الطّعام دوراً كبيراً وأساسيّاً في الحفاظ على فيتاميناته وأملاحه المعدنية, حيث ينصح باختيار السلق التّقليدي أو السلق بالبخار كاختيار أمثل