22.11.2021
ارتباط القدرة الذّهنيّة بأسلوب الحياة الصّحيّة
يوميّاً يُطرح السّؤال التّالي: هل نستطيع تحسين أداءنا العَمَلِي والتّعليمي, هل توجد استراتيجيات جيّدة لأداء أفضل؟ لربما ذهلنا حاليّاً من أداء الكمبيوترات الهائل, والسّريع, ولكن حقيقةً الذي يجب أن يذهلنا حقّاًهو: دماغنا, العضو الأكثر اعجازاً لحدّ الآن!. لا يقتصر عمل الدّماغ على التّعلّم, التّذكّر, الاحساس, وإنّما تتعلق أغلب وظائف الجسم به, حتّى أنّ بعض الدّراسات أشارت إلى دماغنا يتعلّم مهارات جديدة خلال فترة النّوم, مثل تعلّم اللغات الأجنبية. نستطيع من خلال الحياة الصّحيّة , والمتوازنة الحفاظ على صحتنا الذّهنية, والعقلية لأطول فترة, بل نستطيع زيادة مهاراتنا وقدراتنا بشكل كبير, الأمر لايتطلّب منّا الشّرب من ينبوع الحياة, ولا بذل الكثير من المال, والجهد
يلعب الغذاء دوراً كبيراً في تحفيز أداءنا الذّهني, وتنشيط قدراتنا العقليّة كما خُلِقَت! لا يخفى على أحد أنّ المكوّن الأساسي لنسيخ الدّماغ هو الدّسم, فمن الأفضل تزويده بالدّسم النافع كالزّيوت الغير مشبعة المركّبة, والبسيطة. يسبّب نقص المغذّيات الدّقيقة (الأملاح المعدنيّة - الفيتامينات) من الجسم أعراضاً جانبيّة كالعصبيّة, وزيادة أو نقص النّشاط, يمكننا من خلال التغذية اليوميّة المتوازنة تزويد جسمنا بحاجته اليوميّة, كما يمكن تعويض النّقص الشّديد من خلال تناول المكمّلات الغذائيّة. يساعد تناول الأغذية الغنيّة بالألياف في الحفاظ على صحّة الجهاز الهضمي - الأمعاء التي تسمّي بالمخ الثّاني – لارتباطه بشكل مباشر مع صحّة وسلامة الدّماغ. تؤثّر العادات الغذائيّة الخاطئة كالاكثار من تناول الحلويات, الأطعمة الجاهزة, التّقارب بين الوجبات- أي تناول الطّعام على الطّعام- سلباً على قدراتنا الذّهنيّة بشكل عام
نستطيع من خلال اتبّاع أسلوب الحياة الصّحيّة أي تناول الغذاء الصّحّي, الحفاظ على صحّة الأمعاء, الحياة الرّوحيّة المتوازنة تحفيز, وتطوير قدراتنا الذّهنيّة, إليكم مجموعة من الاقتراحات لحياة ذهنية أفضل
- النّظام الغذائي
- السّوائل
-
يشكّل شرب السّوائل, وخاصّة الماء حجر الأساس في الحفاظ على صحّتنا العقليّة , والذّهنيّة, ولا يجب بنا أن نشرب عندما نعطش, لأنّه عند وصولنا لمرحلة العطش نكون قد عرضنا جسمنا للجفاف الذي يخفّف من التّركيز , والانتباه بل يمكن أن يصل لحد الدّوخة وفقدان التّوازن! يّنصح الشّخص البالغ بشرب ما يعادل الليترين إلى الليترين ونصف من السّوائل يوميّاً, حيث تزداد النّسبة بازدياد درجات الحرارة, التّعرّق, والحركة (الرّياضة)
كما يجب التنويه أنّه يتم أخذ السؤائل من الطّعام مابين ال700مليتر, وقد يصل إلى الليتر أيضاً.
- الزّيوت الغير مشبعة المركّبة والبسيطة
-
تعتبر الزّيوت الغير مشبّعة المركبة والبسيطة من الحموض الأساسيّة التي لايستطيع الجسم انتاجها بنفسه, وإنّما يجب أن يتمّ تناولها مع الطّعام اليومي. يقوم الدّسم في الجسم بمهام كثيرة, عدا أنّه يوفر الطّاقة - كلّ 1 غ يحتوي على 9 سعرة حراريّة - كما أنّه يوفّر الحماية للأعضاء الدّاخليّة, يساهم في امتصاص الفيتامينات المنحلّة في الدّسم, يعزّز النّكهة في الطّعام, ويدعم الشّعور بالشّبع. إنّ تناول الزّيوت غير المشبعة المركّبة الأومغا-3 والأومغا-6 في الطّعام اليومي يحفّز القدرة الذّهنيّة, يخفّف من الاصابة بالارهاق وعدم التّركيز,ويحسّن من القدرة الذهنيّة عند الصّغار والكبار
أهم المصادر للزّيوت الغير مشبّعة الأومغا-3: الأسماك البحرية, زيت الكتّان, زيت الكريل, زيت بذور القرع, زيت قلب الجوز, بذور الشيا. أمّا أهم المصادر للزّيوت أومغا-6: زيت الذّرة, زيت السّمسم, الصويا, زيت بذور عين الشّمس. يُنصح بتناول الزيوت الغير مشبعة المركّبة الأومغا-3 إلى الأومغا-6 بنسبة 1:5, لأنّه تبيّن أنّ زيادة تناول زيوت الأومغا-6 بالتّزامن مع عدم تناول زيوت الأمغا-3 قد يتسبّب بالاصابة بالتهاباتٍ في الجسم كاملاً
أهم مصدر للزيّوت المركّبة البسيطة زيت الزّيتون. أكّدت الكثير من الدّراسات والأبحاث قدرة زيت الزّيتون على الحفاظ على خلايا الجسم, والدّماغ بشكل الخاص. إنّ زيت الزّيتون غنيٌّ بالمواد النّباتيّة الثّانويّة(البوليفينول) التي يعمل كمضادّات أكسدة فعّالة, أهم وأشهر حمية صحيّة تعتمد على زيت الزّيتون هي حميّة البحر المتوسّط, والتي تعتمد بشكل كبير على زيت الزّيتون البكر في أغلب الوصفات
- المواد النّباتيّة الثّانويّة
-
تعد المواد النّباتيّة الثانويّة تحدّ يواجه علماء النّبات والغذاء. يتمّ كلّ يومٍ اكتشاف مادّة نباتيّة ثانويّة جديدة, وتُطرح الكثير من الأسئلة حول جديّة, وفعالية هذه المواد على صحتنا. ممّا لا شكّ فيه أن تناولنا للمواد النّباتيّة كالخضار والفاكهة والأعشاب العطرية يحسّن من نوعية حياتنا, خاصّة قدراتنا الذّهنية
يمكن أن نختصر أهم مصادر للمواد الغذائيّة النّباتيّة بما يلي
- الفاكهة والخضار "مبدأ الخمس في اليوم"
-
يُنصح يومياً بتناول خمس حصص من الفاكهة والخضار (3 خضار و2 فاكهة) يمكن تناول الخضار والفاكهة التّالية عند رغبتكم بتقوية الذّاكرة, أو عند أداء مهمّات صعبة تحتاج إلى التّركيز
الأفوكادو - ثمار الغاب – الموز – العنب – الرّمان – الكرز – مشمش
درّاق – خوخ – بندورة – بروكولي - ثمرة جوز الهند - الخضار الورقيّة الخضراء
- المكسّرات
-
المكسّرات غنيّة بالمواد النّباتيّة الثانويّة, اضافة إلى أنّها مصدر مهمّ للبروتين, الزّيوت الغير مشبّعة المركبة, الفيتامينات, والأملاح المعدنيّة. ينصح الطّلاب والدارسون بتناول يومي للمكسّرات مع الفاكهة المجفّفة مع الانتباه دائماً إلى الطّاقة الكبيرة التي تحتويها
الجوز – اللوز – الكاجو - الفستق الحلبي -الفستق السّوداني - البندق - البلّوط
- الشّاي الأسود والأخضر – القهوة - الكاكاو
-
تُعتبر القهوة, الشّاي والكاكاو من أهم مصادر الكافيين. يساعد تناول الكافيين على زيادة النّشاط, القدرة على التّركيز, وأداء المهام الذّهنيّة. يُنصح بتناول 3ملغ لكل كيلو من وزن الجسم. يتمّ عادة امتصاص الكافيين بعد 15 – 20 دقيقة من تناوله. يختلف تأثير تناول الكافيين من شخص لآخر, يمكن أن يسبّب لبعض الأشخاص العصبيّة, وعدم القدرة على النّوم. يتوجّب على الحوامل والمرضعات تخفيف استهلاك الكافيين لأثره المحفّز السّلبي على الجنين, كما قد يؤدي الافراط في تناول المشروبات الغنيّة بالكافيين كالكولا(مشروب غازي) إلى سوء امتصاص الكالسيوم والحديد
- الأعشاب العطريّة والبهارات
-
للأعشاب أهميّة كبيرة في غذائنا اليومي , فهي تضفي لوناً, وطعماً مميّزاً لطعامنا, تساعد الكثير من الأعشاب العطريّة, والبهارات في تحفيز, وزيادة القدرات الذّهنية. فمثلاً يساعد تناول مسحوق الكركم على مقاومة الاجهاد اليومي, حيث ينصح بتناول 200 – 1200ملغ يوميّاً, على أن يترافق تناوله مع مع البيبرين( الفلفل), والليسيتين(الموجود في حليب الشّوفان – حليب الصّويا), ليكون امتصاصه أعظميّاً, من أهم الأعشاب العطريّة التي تحفّز القدرات الذّهنيّة
الزّنجبيل – الميرميّة – اكليل الجبل -الكركم
الزّنجبيل – الميرميّة – اكليل الجبل - الكركم
- الفيتامينات والأملاح المعدنيّة
-
يحتاج جسمنا إلى الفيتامينات, والأملاح المعدنيّة بكميّات قليلة لا تتجاوز الميلغرامات, أو الميكروغرامات... إلّا أنّها
ضروريّة لكثير من العمليات الحيويّة في جسمنا, كتحويل الغذاء إلى طاقة! طبعاً يؤدّي نقصها في الجسم إلى أمراض جسيمة. نستطيع تغطية احتياجاتنا اليوميّة من الفيتامينات , والأملاح المعدنيّة من خلال التّغذية الصحيّة, والمتوازنة! فمثلاً: تتواجد مجموعة الفيتامينات-ب بوفرة في اللحوم الحمراء(الكبد), المكسّرات (بذور عين الشّمس) ,واللحوم البيضاء(صدر الفرّوج). أمّا أهمّ مصادر فيتامين سي الملفوف, الفليلفة, والحمضيّات. يعتبر اللّوز من أهم مصادر فيتامين إي!. تعتبر منتجات الحبوب الكاملة من أهم مصادر الزّنك (ملح معدني), أمّا السيليوم (ملح معدني) فيوجد بوفرة في البروكّولي, والملفوف. تعمل الفيتامينات والأملاح المعدنيّة معاً كمضادّات أكسدة تحافظ على صحّة وشباب الجسم. تشكّل معاً درعاً ضدّ نشوء النتروسامين الذي قد يسبّب تراجعاً في القدرات الذهنيّة
- منتجات الحبوب الكاملة
-
يحتاج الدّماغ إلى الغلوكوز (أصغر جزئ من الكربوهيدرات ) لأداء مهامه اليوميّة التي لا تتوقّف على مدار ال24 ساعة. أهم مصدر للغلوكوز هي منتجات الحبوب الكاملة, اضافة إلى الخضار والفاكهة
وهي أفضل من مصادر الكربوهيدرات البسيطة(السّكّر المنزلي – منتجات الحبوب المقشورة – الحلويات...), لأنها أوّلاً غنيّة بالفيتامينات والأملاح المعدنيّة, ثانيّاً تحوي على الألياف, وأخيراً تحافظ على مستوى ثابت للسكر في الدّم
- العناية بصحّة الأمعاء (المخ الثاني!)
-
في السّنوات الأخيرة تمّ تسليط الضّوء على علاقة صحّة الأمعاء بصحتنا العقليّة, والذّهنيّة, حيث يرتبط الدّماغ بشكل مباشر مع الجهاز الهضمي عبر شبكة عصبيّة, يتم نقل المعلومات من الأمعاء إلى الدّماغ مباشرة, حيث يمكن أن يصاحب التلبك المعوي بتغير في المزاج, وذلك متعلّق بافراز هرمون الأدرنالين من الأمعاء, والعكس صحيح صحّة أمعاءنا ستساعد في افراز السيراتونين الذي سيقوم بتعديل المراج. تتعلّق صحّة أمعاءنا بوجود الفلورا النّافعة في الأمعاء , والتي نستطيع من خلال نوعيّة الطعام تعزيزها, وتقوية دورها, وذلك من خلال تناول الأطعمة الغنيّة بالألياف كالخضار , والفاكهة, ومنتجات الحبوب الكاملة.
يساعد تناول الأغذية الغنيّة بِ بكتيريا حمض اللاكتيك(اللبن) على بناء الفلورا المفيدة, كاللبن, المخلّلات, الميزو(مزيج مخمَّرمكوّن من حبوب الصويا والرز وحبوب أخرى), التوفو(جبنة من حبوب الصّويا)
- أسلوب الحياة الصّحيّة
- الحركة والرّياضة
-
تعتبر الحركة والنّشاط الرقم واحد في الحفاظ على الصحّة الذّهنيّة, ولِمَ لا فالرياضة, أو الحركة اليوميّة تساعد على تروية أفضل لخلايا الدّماغ, كما أنّها تحفّز نشاطها, ونموها...فمثلاً تساعد رياضة ركوب الدّراجة من خلال تناسق الحركة مابين الذّراعين, والسّاقين على تحفيز ذاكرة أفضل, كما يخبر الكثير من ممارسي رياضة الجري بأنهم يتخلّصون من خلال رياضتهم من التّوتّر المصاحب للعمل اليومي, حتّى أنّهم يتوصلون إلى حلّ أغلب المشكلات العالقة في حياتهم بعد انتهاء ممارسة الرّياضة
- النّوم
-
النّوم من الأشياء الضّروريّة للحفاظ على القدرة الذهنيّة, تختلف الحاجة إلى النّوم من شخص لآخر, ولكن تقدّر بمعدّل وسطي يصل إلى 8 ساعات يوميّاً. يساعد النّوم في تثبيت المعلومات التي تمّ جمعها خلال اليوم في الذّاكرة بشكل دائم!
- اكتساب مهارات جديدة
-
يساعد اكتساب مهارارت جديدة كتعلّم لغة أجنبيّة, لعب ألعاب استراتيجيّة, حلّ الألغاز, تعلّم العزف على آلة موسيقيّة, الحياكة, الخياطة, الرّسم على تطوير قدرتنا الذّهنيّة بشكل كبير
- الحياة الروحيّة
-
كلنا يعرف أثر الصّوم على حياتنا, حيث ننتظر بلهفة مجيء رمضان من عام إلى عام, لارتباطه بالعبادة, الخير, العائلة, الحفاظ على الصّحّة الجسديّة, ليس هذا فقط, وإنّما تكمن أهميّة الصّوم في الحفاظ على الصّحّة الذّهنية.
يحفّز الصّوم بشكله العام (الامتناع عن الطّعام لفترة معيّنة), والصّوم الاسلامي بشكل خاص القدرة الذهنيّة بشكل كبير, حيث وُجِدَ ارتباط وثيق بين افراز هرومون الجرلين(هرمون الجوع الذي يُفرَز عند الاحساس بالجوع), وتكوّن خلايا جديدة في الدّماغ! ليس هذا فحسب, وإنّما يتمّ تفعيل انزيم خاص يحفّز عملية التّعلّم بشكل كبير, والذي
لا يتمّ عادة فرزه في حالات الشّبع, لانشغال الجسم بعمليّة الهضم طوال الوقت!. يحفّز الصّوم أيضاً افراز هرمون السيراتونين الذي يوّلد الاحساس بالسّعادة. يشّكل التأمل أهم طرق تخفيف الاجهاد اليومي, ويُعتبر طريقة مثالية للتغلّب على المشاعر السّلبيّة كالغضب,الحزن, والتي عادة ما تؤدّي إلى سوء التّركيز, وانخفاض الأداء الذّهني. تحت اطار التأمّل يندرج الذّكر,التّسبيح, الدّعاء, والتّفكّر في خلق اللّه
تشكّل الحياة الصّحّية تحدّياً يوميّاً علينا تعلّم ممارسته للحصول على أفضل النتائج المرجوّة. يكمن الحلّ في ايجاد حلول جديّة, وعمليّة وذلك من خلال ممارسة الرّياضة, الاهتمام بنوعيّة وكميّة طعامنا, النّوم الكافي, العبادة..., طبعاً لا نستطيع اغفال البعد الاجتماعي, ووظيفته الأساسيّة في تنمية القدرات الذّهنيّة الفرديّة, والجماعية على حدّ سواء
المصادر
Brain Power Food Marion Jetter
Futter Fürs Gehirn Dr.Michelle Schoffro Cook